الخميس، 18 يوليو 2013



عندما تتحول وسائل التواصل الاجتماعي مستنقع ضحل تغزوا خصوصية الفرد




مما لاشك فيه أن العديد منا ولا توجد مبالغة إن قمنا بالتعميم يستخدم أحد الشبكات الاجتماعية العامة مثل الفيس بوك  أو تويتر أو الوتس أب وغيرها ؛ لما تقدمه لنا من حرية في التواصل وتبادل المعلومات والصور والفيديو فقد أتاحت لنا إنشاء علاقات جديدة وأرجعت لنا صدقات قديمة ،وسمحت لنا بإنشاء العديد من الجروبات والانضمام إليها. فهذه الشبكات أفادتنا في أعمالنا وتجارتنا ومصالحنا الخاصة.هذا بشكل عام أما على مستوى مجتمعنا فقد ظهرت منتديات عمانية شهيرة مثل (سبلة العرب، سبلة عمان، الحارة العمانية،وغيرها)، فاتسعت دائرة الحوار وحرية التعبير، وظهرت مفاهيم إنسانية جديدة على المجتمع. فمن منا لايشارك في سبلة عمان إما بطرح موضوع للنقاش أو تعليق أو حتى تصفح ما في داخلها.
فإذاً أصبحت الشبكات الاجتماعية جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. ولهذا يجب علينا أن نكون مدركين ومنتبهين بما نفوم به في هذه الشبكات.
ولعلي أشير هنا إلى أنه يجب علينا أن ندرك خصوصيتنا وخصوصية غيرنا في هذا المجتمع الافتراضي لان جميع هذه الشبكات تتطلب وضع معلومات تعرف عنك وعن كيفية الوصول إليك وأيضا نلاحظ في الآونة الأخيرة مع انتشار استخدام الوتس اب وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الانتهاكات لخصوصية الافراد مثل القيام بتصوير الحوادث المرورية والتقاط صور للمصابيين ونشرها في وسائل الاعلام الاجتماعي دون الالتفات لمشاعرهم ومشاعر ذوويهم.
 والطالبة التي استشهدت في وادي صحم والتي تناقل قصتها الناس والإضافات التي اختلقوها بإنها هي من رمت بنفسها في الوادي مما دفع أخيها بان يقوم بالكتابة والرد على من أساء إليهم.ولكن بعد ماذا...
نتبادل العديد من النكات التي تقلل من شأن العماني للضحك فقط فقد أصبحت ظاهرة في مجتمعنا ونتسأل بعد هذا لماذا نتخلف عن  المجتمعات المتقدمة ؟؟
ويعود هذا إلى أننا نستخدم الشبكات بدون وعي حيث الجميع يعمل بمبدأ "انسخ وإلصق" دون  التدقيق والتحقيق فيما يرد إليه.فإن كل ما تقوم بمشاركته في وسائل الاعلام الاجتماعي فهو يعبر عن هويتك وذاتك فيجب عليك التريث وعدم إعادة توجيه كل ما يرد إليك.
فقد شرَّع الدين الإسلامي خصوصية الفرد قبل أكثر من أربعة عشر قرناً. ووصى الفرد المسلم بحفظ عورة أخيه المسلم و جعل الله -عز وجل- المحافظة على خصوصية الفرد من صفات المؤمنين، الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعته. وقامت كثير من الدول حول العالم منذ مئات السنين بسن تشريعات وقوانين تحفظ للفرد حقه في خصوصيته وممتلكاته، في الشرائع اليونانية والصينية القديمة
قال الله -عز وجل- في كتابه الكريم: ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها )). وقال سبحانه: ( ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ).
وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "من اطلع في بيتِ قومٍ بغير إذنهم فقد حلَّ لهم أن يفقأوا عينه، فإن فقأوا عينه فلا دية له ولا قصاص". وقال -صلى الله عليه وسلم-: " من تسَّمع حديث قومٍ وهم له كارهون، صُب في أُذنيه الآنك"

وهنا نحن ندفع ضريبة الشبكات الاجتماعية حيث ما تتميز به من سرعة في تبادل الأخبار والمعلومات بين المشتركين، في المقابل سهلت من فرص انتهاك الخصوصية الشخصية من خلال نشر الشائعات وتداولها بشكل مطرد وسريع يصعب من الحد منها أو القضاء عليها.
إن  الخصوصية  تتغير بتغير المجتمعات والثقافات فما هو يعد من الخصوصية في مجتمعنا العماني أو العربي ليس بضرورة أن يكون كذلك في بقية المجتمعات. ولهذا لا يوجد مفهوم واضح ودقيق للخصوصية. ولكن يجب نشر ثقافة الخصوصية بين الناس حتى يستطيعوا التحكم بمعلوماتهم وبياناتهم داخل الشبكات الاجتماعية. فعند وضع اسمك و وصورة ملفك الشخصي ومعلومات عن يوم ميلاك ومكان عملك ومدرستك وغيرها يجب عليك أن تكون مدرك أنك تضعها للعامة  فيمكن للجميع الولوج إليها ،وفي الفيس بوك حتى لو قمت بحذف المعلومات فإنها تبقى لديهم ويمكن الرجوع إلى رسائلك القديمة وقائمة أصدقائك بسهولة. وعندما تقوم بتحديث معلوماتك فإنهم يحتفظون بنسخة احتياطية من النسخة السابقة لفترة من الزمن تصل إلى 32 سنة فقط !!
ويمكن بسهوله انتحال شخصيتك بوضع اسم مستخدم باسمك ويضع الصورة الشخصية الخاصة بك, وقد يتكلم على لسانك, وينشر أشياء غير لائقة أو يتكلم بكلام بذيء.
وما يزيد الطين بلة أن المستخدم يقدم المعلومات للموقع على مسؤوليته الخاصة ويُسمح له بالتحكم بمجموعة من خيارات الخصوصية فيمن يسمح له بأن يطلع عليها ومن يحجبها عنه إلا أنه لا توجد أي تدابير أمنية كاملة ويمكن اختراقها. وأيضا تكون أنت المسئول عن ما ينشر في في حائطك ولهم الحق في مراجعتك !!
 ومن شروط الفيس بوك التي ننقر عليها بالموافقة دون وعي "أن أي أسئلة وتعليقات واقتراحات وأفكار التي زودت الشركة بها  ليست سرية وأصبحت من ممتلكات الشركة الحصرية !! بما في ذلك جميع حقوق الملكية الفكرية ويكون من حق الشركة استخدام تلك المعلومات بشكل غير مقيد." ونحن ننقر بالموافقة دون الشعور بعظم ما نفعل حيث تخرج صورنا الشخصية وإبداعاتنا الفكرية  من ملكيتنا الخاصة ويكون لهم الحق في السطو على أعمالنا واستعمالها دون شرط أو قيد. فإذا يمكن لأي شخص أخذ صورنا واستغلالها كيفما يشاء دون التمكن من الوصول إليه.
لذلك يجب علىينا فهم مخاطر نشر معلومات الشخصية بكثرة , وكيفية التعامل مع عواقبها , فهذا سوف يساعدنا على استخدام الشبكات الاجتماعية بشكل جيد وبدون مشاكل. ويكون لدينا خلفية عن ما هو لنا وما علينا حتى لا يكون استخدامنا للشبكات الاجتماعية والانترنت مضرا لنا.
وقد قدم الصاعدي، سلطان في دراسته" الشبكات الاجتماعية خطر أم فرصة" بعض النصائح المختصرة  لتأمين الحقوق الخاصية للأفراد والمواقع:-
" ليس كل ما يعرف يكتب على الحاسب وينشر على الشبكة، فحاول أن تكون لك أسرارك الخاصة التي تحتفظ بها في غير جهاز الحاسب، أو اجعل لها جهازاً خاصة لا يكون متصل بالشبكة.
شفر معلوماتك الخاصة، أي اجعل لها شفرة خاصة من رقم أو نحوه يصعب تخمينها، وحاول تغييرها كل فترة معينة، والبرامج التي تخدم في التشفير كثيرة.
اعرف من تضيفهم كأصدقاء أو مشاركين ومطلعين على ملفاتك ومعلوماتك.
اعط صلاحية خاصة لأشخاص معروفين بالاطلاع على الملفات الخاصة، أو استخدامها في أضيق نطاق ممكن.
احتفظ بنسخ احتياطية من أعمالك أو موقعك أو بياناتك في مكان آمن لا يصل له غيرك أو من تخوله بذلك تحت إشرافك.
طور من إمكانات التقنية والبرمجية واعتمد في الغالب – بعد الله سبحانه وتعالى – بنفسك أو من تثق بهم.
اختر شركات متطورة ومعروفة بنظام الحماية لديها حتى تنشأ موقع في مساحة آمنة بإذن الله تعالى.
زود جهازك ببرنامج حماية قوي وفعال.
داوم على الاطلاع على ملفاتك وتفقدها باستمرار، أو وكل من تثق به في ذلك."

وأخيرا يجب علينا الانتفاع من الشبكات الاجتماعية بشكل الامثل واستخدامها فيما يرضي الله وعدم استخدامها في نشر الشائعات وانتهاك خصوصيات الآخرين والإطلاع على بشكل واعي على سياسة الخصوصية في هذه الشبكات وتذكر دائما أن ليس كل شي قابل للنشر.واستخدام الشبكات في تطوير المجتمعات والقيام  باعمال تطوعية تخدم وترتقي بالمجتمع وليس نشر الشائعات والنكات التي لا طائل من ورائها.



المراجع:-

مختار، جمال.(2008). حقيقة الفيس بوك :‏ ‏عدو أم صديق

سعيد، فهدعبدالعزيز . مركز التميز لأمن المعلومات . تم استرجاعها في 10\7\2013  من http://coeia.ksu.edu.s 
الصاعدي ،سلطان مبارك. 2012 : الشبكات الاجتماعية خطر أم فرصة؟. تم استرجاعها في 10\7\2013 من  http://www.alukah.net/Spotlight/0/40402

الشحي، حافظ ابراهيم. (2011، 27 يوليو). الحذر من الشبكات الاجتماعية. جريدة عمان . تم الاسترجاع في 12\7\2012  من  http://www.omandaily.om/pdf